قيل: إن كانت الحركة الدائمة متماثلة لزم تماثل الحوادث، وإن كان مختلفة كان قد اختص أحد الزمانين بما لم يوجد في الزمان الآخر.
بل قد يقال: الفاعل إن قيل: إنه يلزمه مفعولات مختلفة دائمة متعاقبة من غير فعل يقوم به، ولا صفة له، كان كذلك أبعد في العقل من أن يقال: إنه فعل مفعولات مختلفة في وقت دون وقت، فإن هذا بعض ذاك، فكان المحذور الذي هو في هذا هو في ذاك وزيادة.
[الوجه الخامس]
أن يقال: قولك: وإن لم يفعل ثم فعل فلا بد من حدوث ما ينبغي فعله، أو عدم ما لا ينبغي، ويعود الكلام إليه ولا يقف.
غايته أنه يستلزم امتناع كونه صار فاعلاً بعد أن لم يكن، وهذا لازم لك.
لكن نقول: لم قلت: إنه لم يزل يفعل شيئاً بعد شيء؟
فإن قلت: هذا يستلزم تسلسل الحوادث، وتسلسل الحوادث شيئاً بعد شيء جائز عندكم.
فبتقدير أنه لا يزال يفعل شيئاً بعد شيء كان كل ما سواه حادثاً مع التسلسل الجائز، وذلك جائز عندك.
وهو موجب دليلك.
فإن كان باطلاً بطل مذهبك.
وإن كان حقاً، فيقال: ما المانع أن يفعل ما لم يكن فاعلاً لحدوث حادث، وذلك موقوف على حادث آخر لا إلى نهاية، وتكون تلك الحوادث صادرة عنه؟
ثم يقال: إما أن يكون كل ما حدث يجوز حدوثه بلا فعل يقوم به، أو لا بد من فعل يقوم به.