وكون المعرفة يمكن حصولها بالضرورة، لم ينازع فيه إلا شذوذ من أهل الكلام، ولكن نازع كثير منهم في الواقع.
وزعم أن الواقع أنها لا تحصل لأكثر الناس إلا بالنظر.
وجمهور الناس نازعوه في هذا، وقالوا: بل هي حاصلة لأكثر الناس فطرة وضرورة.
[كلام ابن الزاغوني عن وجوب النظر]
وابن الزاغوني ممن يقول بوجوب النظر، وأن المعرفة لا تحصل إلا به، حتى قال:(فصل: إذا قال القائل: أنا أعتقد حدوث العالم والتوحيد وصحة الدين، وأقر بالنبوة لا بطريق النظر ولااستدلال، ولا عن نظر في حجة أو دليل، لكن بطريق التقليد في ذلك، أو مما سوى ذلك، مما لا يستدل إلى معرفة ثابتة عن نظر في حجة أو دليل بحيث ينتهي الاستدلال إلى العلم الحق، فهذا ليس هو بمؤمن، ولا نحكم بأنه مؤمن عند الله، ولا يثاب على هذا الإيمان، بل هو معاقب ملوم على ترك ما أمر به من العلم بالله وصحة الدين والنبوة، والنظر فيما يقتضي به النظر فيه إلى معرفته بذلك بطريق اليقين) .
قال:(وقالت طائفة: هو مؤمن عندنا وعند الله إذا صادق اعتقاده التوحيد والنبوة، وما يجب عليه اعتقاده من الحق في المعارف الدينية، سواء كان ممن يتهيأ له ذلك بطريق انقطع فيه بأدلته، أو ممن لا يتهيأ له ذلك)
قال: (وقالت طائفة: هو مؤمن في الظاهر عندنا، ولا نعلم: هل هو مؤمن عند الله أم لا؟ وقالت طائفة: نحكم بأنهم مؤمنون ما لم يخطر ببالهم ما يخالف ذلك من التشبيه والحيز، وإبطال النبوات، وأعراض