للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بصره إليه.

ومعلوم أنه كانت الجهات بالنسبة إلى الله سواء لم نؤمر بهذا.

[الوجه الرابع]

أن السجود من باب العبادة والخضوع للمسجود له، كالركوع والطواف بالبيت.

وأما السؤل والدعاء ففيه قصد المسؤول المدعو، وتوجيه القلب نحوه، لا سيما عند الضرورة، فإن السائل الداعي يقصد بقلبه جهة المدعو المسؤول بحسب ضرورته واحتياجه إليه.

وإذا كان كذلك، كان رفع رأسه وطرفه ويديه إلى جهة، متضمن لقصده إياه في تلك الجهة، بخلاف الساجد فإنه عابد ذليل خاشع، وذلك يقتضي الذل والخضوع، ليس فيه ما يقتضي توجيه الوجه واليد ونحوه، لكن إن كان داعياً وجه قلبه إليه، وهذا حجة من فرق بين رفع البصر في حال الصلاة وحال الدعاء.

[الوجه الخامس]

أن يقال: قصد القلوب للمدعو في العلو أمر فطري عقلي اتفقت عليه الأمم من غير مواطأة، وأما السجود فأمر شرعي يفعل طاعة للآمر، كما تستقبل الكعبة حال العبادة طاعة للآمر.

وحينئذ فالاحتجاج بما في فطر العباد من قصد من في العلو، وهذا لا معارض له.

[تابع كلام الرازي في لباب الأربعين عن الجهة والعلو]

قال (واحتج الخصم أيضاً بالآيات الواردة الموهمة للجهة، كقوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} [طه: ٥] ، وقوله: {يخافون ربهم من فوقهم} [النحل: ٥٠] ، وقوله: {وهو القاهر فوق عباده} [الأنعام: ٦١] .

<<  <  ج: ص:  >  >>