للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[تعليق ابن تيمية]

قلت: فهذه الحجة مضمونها أن الفعل يمكن أن يكون واجب الوجود، فيجب أن يكون دائم الوجود، لأنه لو لم يكن كذلك لكان ممكن الوجود والعدم.

والمقصود هنا أنه يمكن دوام وجوده بغيره، فيجب دوام وجوده بغيره لا بنفسه، إذ لو لم يجب بنفسه ولا بغيره بل أمكن عدمه، لوجب أن يمكن عدمه دائماً، إذ إمكان عدمه في حال دون حال مع تساوي الأحوال محال، وإمكان عدمه دائماً ينافي وجوبه بنفسه أو بغيره في شيء من الأوقات، فإنه لو وجب موجوداً في حال بنفسه أو بغيره، لم يكن ممكن العدم في حال وجوبه، وهو إذا كان موجوداً كان بغيره فيكون واجباً بالغير، فإذا كان موجوداً امتنع -في حال وجوده- أن يمكن عدمه، فإذا قدر أنه ممكن العدم دائماً، بحيث لا يجب لا بنفسه ولا بغيره، امتنع أن يكون موجوداً في شيء من الأحوال.

والتقدير أنه ممكن الوجود، بل ممكن دوام الوجود.

وإمكان الوجود ينافي امتناع الوجود، فما أمكن وجوده دائماً امتنع عدمه.

ونكته الحجة أن ما أمكن وجوده دائماً، يكون مع وجوده واجباً بغيره، فإن الممكن إن اقترن به ما يوجب وجوده، صار واجباً بغيره، وإن لم يقترن به ما يوجب وجوده، صار ممتنعاً لغيره، إذ الممكن لا يحصل إلا عند المرجح التام الذي يوجب وجوده، إذ لو لم يجب معه لكان ممكناً، وإذا كان ممكناً لم يترجح وجوده على عدمه إلا بمرجح.

وهذا الموضع قد نازع فيه طوائف المعتزلة، وغيرهم من أهل الكلام.

طائفة يقولون إن القادر يرجح أحد المقدورين المتماثلين بلا

<<  <  ج: ص:  >  >>