وإن قالوا بأنه لا يخلو الرب عن القول والإرادة وعن ضده فلا يخلو ذلك الضد إما أن يكون قديماً أو حادثاً فإن كان الأول فيلزم من ذلك عدم الموجود القديم ضرورة حدوث ضده، وهو محال بالاتفاق وبالدليل على ما سيأتي، وإن كان الثاني فالكلام في ذلك الضد كالكلام في الأول ويلزم من ذلك تعاقب الحوادث على الرب تعالى علىوجه لا يتصور خلوه عن واحد منها والحوادث المتعاقبة لا بد وأن تكون متناهية علىما سبق في إثبات واجب الوجود وما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث ضرورة.
[تعليق ابن تيمية]
فيقال: ولقائل أن يقول: نظير الحادث والإرادة الحادثة عندهم التسمع الحادث والتبصر الحادث، فإنهم يقولون: إنه عند وجود المسموعات والمرئيات تجدد ما يسمونه التسمع والتبصر، فهذا الحادث نظير ذلك الحادث، وعندهم أنه يخلو من وجود مثل هذا وضده العام، بخلاف نفس السمع والبصر، فإن ذاك عندهم بمنزلة القائلية والمريدية وعندهم انه لا يخلو عن القائلية