في مخاطبتهم درجات، كما ينقل إخوانهم القرامطة المستجيبين لهم درجة حتى يوصلوهم إلى البلاغ الأكبر والناموس الأعظم، الذي مضمونه جحد الصانع، وتكذيب رسله، وجحد شرائعه، وفساد العقل والدين، والدخول في غاية الإلحاد ن المشتمل على غاية الفساد في المبدأ والمعاد.
[كيف نعرف الضلال ونتجنبه]
وهذا القدر الذي وقع فيه ضلال المتفلسفة لم يقصده عقلاؤهم في الأصل، بل كان غرضهم تحقيق الأمور والمعارف، لكن وقعت لهم شبهات ضلوا بها، كما ضل من ضل ابتداء من المشركين منهم ومن غيرهم من الكفار ممن ضل ببعض الشبهات، ولهذا يجب على من يريد كشف ضلال هؤلاء وأمثالهم: أن يوافقهم على لفظ مجمل حتى يتبين معناه، ويعرف مقصوده، ويكون الكلام في المعاني العقلية المبينة، لا في معان مشتبهة بألفاظ مجملة.
واعلم أن هذا نافع في الشرع والعقل:
أما الشرع: فإن علينا أن نؤمن بما قاله الله ورسوله، فكل ما ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قاله، فعلينا أن نصدق به، وإن لم نفهم معناه، لأنا قد علمنا أنه الصادق المصدوق الذي لا يقول على الله إلا الحق، وما تنازع فيه الأمة من الألفاظ المجملة كلفظ المتحيز والجهة، والجسم، والجوهر، والعرض وأمثال ذلك، فليس على أحد أن يقبل مسمى اسم من هذه الأسماء، لا في النفي ولا في الإثبات، حتى يتبين له معناه، فإن كان المتكلم بذلك أراد معنى صحيحاً، وافقاً لقول المعصوم كان ما أراده حقاً، وإن كان أراد به معنى مخالفاً لقول المعصوم كان ما أراده باطلاً.