ثم يبقى النظر في إطلاق ذلك اللفظ ونفيه، وهي مسألة فقهية، فقد يكون المعنى صحيحاً ويمتنع من إطلاق اللفظ لما فيه من مفسدة، وقد يكون اللفظ مشروعاً ولكن المعنى الذي أراده المتكلم باطل، كما قال علي رضي الله عنه ـ لمن قال من الخوارج المارقين لا حكم إلا لله ـ: كلمة حق أريد بها باطل.
وقد يفرق بين اللفظ الذي يدعى به الرب، فإنه لا يدعى إلا بالأسماء الحسنى، وبين ما يخبر به عنه لإثبات حق أو نفي باطل.
وإذا كان في باب العبارة عن النبي صلى الله عليه وسلم علينا أن نفرق بين مخاطبته وبين الإخبار عنه، فإذا خاطبناه كان علينا أن نتأدب بآداب الله تعالى، حيث قال {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا}[النور: ٦٣] فلا نقول: يا محمد، يا أحمد، كما يدعو بعضنا بعضاً بل نقول: يا رسول الله، يا نبي الله.
والله سبحانه وتعالى خاطب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بأسمائهم فقال {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة}[البقرة: ٣٥] ، {يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك}[هود: ٤٨] ، {يا موسى * إني أنا ربك}[طه: ١١-١٢] ، {يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي}[آل عمران: ٥٥] ، ولما خاطبه صلى الله عليه وسلم قال {يا أيها النبي}[التحريم: ١] ، {يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر}