والحادث عدم ووجد أخرى، فلا يكون ممتنعاً لأن الممتنع لا يوجد ولا واجباً بنفسه لأن الواجب بنفسه لا يعدم، فثبت أنه ممكن، وثبت أن في الموجودات ما هو ممكن بنفسه وأنه ليس كلها ممكناً، فثبت أن فيها موجوداً ليس بممكن، والموجود الذي ليس بممكن هو الواجب بنفسه، فإن الموجود إما أن يكون وجوده بنفسه وهو الواجب أو بغيره وهو الممكن، ولا يجوز أن يكون ممتنع لأن الممتنع هو الذي لا يجوز أن يوجد فيمتنع أن يكون في الوجود ممتنع.
فتبين أن في الموجودات واجباً وممكناً، وليس فيها ممتنع.
وإن شئت قلت: إما أن يقبل من جهة نفسه العدم وهو الممكن، أو لا يقبل العدم وهو الواجب بنفسه، وإن شئت قلت إما أن يفتقر إلى غيره وهو الممكن أو لا يفتقر وهو الواجب.
وإذا كانت الموجودات إما واجبة وإما ممكنة، وليس كلها ممكناً ولا كلها واجباً تعين أن فيها واجباً وفيها ممكناً.
[الوجه الثاني]
أن يقال كل ممكن بنفسه لا يوجد إلا بموجب يجب به وجوده، لأنه إذا لم يحصل ما به يجب وجوده ممكناً قابلاً للوجود والعدم، فلا يوجد.
وما به يجب وجوده لا يكون ممكناً، لأن الممكن لا يجب به شيء لافتقاره إلى غيره، فالمفتقر إلى الممكن مفتقر إليه وإلى ما به وجب الممكن، وإذا كان الممكن وحده لا يجب به شيء، علم افتقار الممكن إلى واجب بنفسه.