لأن البديهيات أصل للنظريات، فلو جاز القدح بالنظريات في البديهيات، والنظريات لا تصح إلا بصحة البديهيات، كان ذلك قدحاً في أصل النظريات، فلزم من القدح في البديهيات بالنظريات فساد النظريات، وإذا فسدت لم يصح القدح بها، وهو المطلوب.
فهذا ونحوه يبين أنه لا تسمع من النفاة حجة على إبطال مثل هذه القضية البديهية، ثم يبين فساد ما استدل به على بطلان ذلك.
[الرد على قول الرازي: الوجه الأول]
أن يقال: من المعلوم أن هذا لا ينكره إلا من يقول بأن الله ليس داخل العالم ولا خارجه، وينكرون أن يكون الله نفسه فوق العالم، فإنهم يقولون: لو كان فوق العرش لكان مبايناً له بالجهة مشاراً إليه، وذلك ممتنع عندهم، فيجوزون وجود موجودين ليس أحدهما مبايناً للآخر ولا مدخلاً له، ووجود موجود قائم بنفسه لا يشار إليه، ويقولون: الباري ليس مبايناً للعالم ولا مداخلاً له.
وطائفة من الفلاسفة تقول مثل ذلك فيما تثبته من العقول والنفس الناطقة، ولهم في النفس الفلكية قولان.