المجملة المبتدعة لا يثبتونها ولا ينفونها إلا بتبيان معانيها، فما كان من معانيها موافقاً للكتاب والسنة أثبتوه، وما كان مخالفاً لذلك نفوه، فلا يطلقون: هو جسم ولا جوهر، ولا يقولون: ليس بجسم ولا جوهر، كما لا يطلقون إثبات لفظ الحيز ولا ينفونه.
وأما قول هذا القائل: فتوهمها من كان من الناس لا يقدر أن يتصور موجوداً ليس بجسم، ولا أيضاً خيف عليه أن يتطرق ذهنه إلى القول بالجسمية، وهذه هي حال جمهور الناس.
فهذا كلام متناقض، فإنه إذا كان أكثر الناس لا يقدرون أن يتصوروا موجوداً ليس بجسم، فإنهم قطعاً تتطرق أذهانهم - عند سماع هذه الأمور- إلى إثبات الجسمية.
فقوله بعد ذلك: إن الذين يتطرق إلى أذهانهم من ذلك إثبات الجسمية قليل من الناس يناقض ما تقدم.
[عود إلى كلام ابن رشد في مناهج الأدلة ورد ابن تيمية]
قال: وقد كان الواجب عندي في هذه الصفة قبل أن تصرح الفرق الضالة بإثباتها يجرى فيها على منهاج الشرع، ولا يصرح فيها بنفي ولا إثبات، ويجاب من سأل عن ذلك من الجمهور بقوله تعالى:{ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}[الشورى: ١١] .