وذلك لثلاثة معان: أحدها: أن إدراك هذا المعنى -أعني أنه ليس بجسم الذي هو الحق، ليس قريباً من المعروف بنفسه برتبة واحدة، ولا رتبتين، ولا ثلاث.
وأنت تتبين ذلك من الطرق التي سلكها المتكلمون في ذلك، فإنهم قالوا: إن الدليل على أنه ليس بجسم: أنه قد تبين أن كل جسم محدث، وإذا سئلوا عن الطريق التي يوقف منها على أن كل جسم محدث، سلكوا في ذلك الطريق التي ذكرنا من حدوث الأعراض، وأنا ما لا يعرى عن الحوادث حادث، وقد تبين لك من قولنا أن هذه الطريقة ليس برهانية، ولو كانت برهانية لما كان في طباع الغالب من الجمهور أن يصلوا إليها، فإن ما يضعه هؤلاء القوم من أنه سبحانه ذات وصفات زائدة على الذات، يوجبون بذلك أنه جسم، أكثر مما ينفون عنه الجسمية بدليل انتفاء الحدوث عنه، فهذا