للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الكبر والشرك والنفور، إما أن يكون نسبتها إلى الفطرة سواء، أو الفطرة مقتضية للأول دون الثاني.

فإن كانا سواء، لزم انتفاء المدح كما تقدم، ولم يكن فرق بين دعائها إلى الكفر ودعائها إلى الإيمان، ويكون تمجيسها كتحنيفها، وقد عرف بطلان هذا.

وإن كان فيها مقتض لهذا فإما أن يكون المقتضى مسلتزماً لمقتضاة عند عدم المعارض، وإما أن يكون متوقفاً على شخص خارج عنها.

فإن كان الأول، ثبت أن ذلك من لوازمها، وأنه مفطورة عليه، لا تفقد إلا إذا فسدت الفطرة.

وإن قيل: إنه متوقف على شخص، فذلك الشخص هو الذي يجعلها حنيفية كما يجعلها مجوسية.

وحينئذ فلا فرق بين هذا وهذا.

وإذا قيل: هي إلىالحنيفية أميل، كان كما يقال: هي إلى النصرانية أميل.

فتبين أن فيها قوة موجبة لحب الله، والذل له، وإخلاص الدين له، وأنها موجبة لمقتضاها إذا سلمت من المعارض، كما فيها قوة تقتضي شرب اللبن الذي فطرت على محبته وطلبه.

[تعليق ابن تيمية]

ومما يبين هذا أن كل حركة إرادية، فإن الموجب لها قوة في المريد، فإذا أمكن في الإنسان أن يحب الله ويعبده ويخلص له الدين، كان فيه قوة تقتضي ذلك، إذ الأفعال الإرادية لا يكون سببها إلا من نفس الحي المريد الفاعل، ولا يشترط في إرادته إلا مجرد الشعور بالمراد، فما في النفوس من

<<  <  ج: ص:  >  >>