ولكن مع ذلك لما لم تكن الفطرة مقتضية لشيء منها، أضيفت إلى السبب، فإن لم تكن الفطرة مقتضية للإسلام، صار نسبتها إلى ذلك كنسبة التهويد والتنصير إلى التمجيس، فوجب أن تذكر كما ذكر ذلك.
وهذا كما أن الفطرة لو لم تقتض الأكل عند الجوع - مع القدرة عليه - لم يوجد الأكل إلا بسبب منفصل.
والنبي صلى الله عليه وسلم شبه اللبن بالفطرة، لما عرض عليه الخمر واللبن واختار اللبن، فقال له جبريل: أصبت الفطرة، ولو أخذت الخمر لغوت أمتك.
والطفل مفطور على أن يختار شرب اللبن بنفسه، فإذا تمكن من الثدي لزم أن يرتضع لا محالة، فارتضاعه ضروري إذا لم يوجد معارض، وهو مولود على أن يرتضع، فكذلك هو مولود على أن يعرف الله، والمعرفة ضرورية له لا محالة إذا لم يوجد معارض.
وأيضاً فإن حب النفس وخضوعها لله وإخلاص الدين له، مع