هما المتساويان في جميع صفات النفس، فإذا اختلف الشيئان من وجه فليسا متماثلين من كل وجه إذ يستحيل التماثل في جميع الوجوه مع الاختلاف في وجه من الوجوه.
[تعليق ابن تيمية]
قلت: هذا بناء على أصل تلقوه من المعتزلة، وهو أن الجواهر والأجسام متماثلة، بخلاف الأعراض، فإنها قد تختلف وقد تتماثل.
وحقيقة هذا القول أن الأجسام متماثلة من كل وجه، لا تختلف من وجه دون وجه، بل الثلج مماثل للنار من كل وجه، والتراب مماثل للذهب من كل وجه، والخبز مماثل للحديد من كل وجه، إذ كانا متماثلين في صفات النفس عندهم.
وهذا القول فيه من مخالفة الحس والعقل ما يستغنى به عن بسط الرد على صاحبه، بل أصل دعوى تماثل الأجسام من أفسد الأقوال، بل القول في تماثلها واختلافها كالقول في تماثل الأعراض واختلافها، فإنها تتماثل تارة وتختلف أخرى.
وتفريقهم بين الصفات النفسية والمعنوية اللازمة للمعين، يشبه تفريق أهل المنطق بين الصفات الذاتية واللازمة للماهية، وكلاهما قول فاسد لا حقيقة له، بل قول هؤلاء أفسد من قول أهل المنطق.
وإذا وقع الكلام في جسم مطلق، وجوهر مطلق، فهذا لا وجود له في الخارج، وإن وقع في الوجود من الأجسام: كالنار والماء