قلت: ولقائل أن يقول: إن جمهور العامة لا يعرف هذا الدليل، بل ولا يعرف مسمى الجسم في اصطلاح المستدلين به، ولا يعرف أن الهواء يسمى جسماً، بل أكثر الناظرين في العلم، من أهل الفلسفة والكلام، والفقه والحديث والتصوف، لم يعرفوا صحة هذا الدليل، بل قالوا: إن باطل.
والسلف والأئمة جعلوا هذا من الكلام المبتدع الباطل، ولم يدع أحد من الأنبياء وأتباعهم أحداً إلى الاستدلال على معرفة الله بهذا الطريق، وإنما ابتدعه في الإسلام، من كان مبتدعاً في الإسلام، من الجهمية والمعتزلة ونحوهم.
ولكن الذي يعرفه العامة، والخاصة، إن كل واحد من الآدميين محدث، كان بعد أن لم يكن، وأنه ليس بفاعل نفسه.
ولم يفعله مثله.
ولهذا استدل سبحانه بذلك، في قوله تعالى:{أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون} .
وكذلك يعلمون حدوث ما يشهدون حدوثه، ويعلمون أنواعاً من الادلة غير هذا.
[تابع كلام ابن الزاغوني]
قال أبو الحسن بن الزاغوني: (وأما قولهم: إنه قد يعترض عليه من الشبهة ما يوجب تفلته، ويرفع ثقته، فليس كذلك، من وجهين: أحدهما: أن خيالات الشبه لا تكافي فيما ذكرنا، فما يقصر من الشبه