هي أعراض تفتقر إلى أعيان تقوم بها، من جنس العقل الموجود في نفوسنا، فأما إثبات عقول هي جواهر قائمة بنفسها، فلا دليل لهم على ذلك أصلاً.
ولولا أن هذا ليس موضع بسط ذلك، لذكرت ألفاظهم بأعيانهم، ليتبين لك ما ذكرته.
ولكن هؤلاء القوم يجعلون الأعراض جواهر، والجواهر أعراضاً، والصفة هي الموصوف، والموصوف هو الصفة.
وعلى هذا بنوا كلامهم، كما صرحوا به في غير موضع.
ومن هنا يظهر:
[الوجه السادس]
وهو أن هذا وأمثاله جعلوا نفس العلم هو العالم، وجعلوا نفس العلم هو جوهراً قائماً بنفسه واجب الوجود.
وهذا من أعظم سفسطة في الوجود، وهو شر من كلام النصارى بكثير.
وغاية ما ينتهي إليه ما يدعونه من المفارقات المجردات عن المادة، وهو العقول التي جعلولها مبادىء، أنها علوم كلية كالعلوم الكلية التي لنا.
ومن المعلوم أن العلوم الكلية لا تقوم إلا بعالم، لكن هؤلاء غلطوا حيث أثبت قدماؤهم كأصحاب أفلاطون، كليات مجردة عن الأعيان، وهي المثل الأفلاطونية، وجعلوها أزلية أبدية، وإنما التغير والتحول في أعيانها فلما تبين لأرسطو وأتباعه فساد هذا أبطلوه، وقالوا: الكليات لا يكون