قديمة لم تزل؟ قيل له: لو كان ذلك كما ادعيتم، لم يجز أن يلحقها الاعتمال والتأثير والانقلاب والتغير، لأن القديم لا يجوز انقلابه وتغييره، وأن يجري عليه سمات الحدث، لأن ما جرى عليه ذلك ولزمته الصنعة، لم ينفك عن سمات الحدث، وما لم يسبق المحدث كان محدثاً مصنوعاً، فبطل لذلك قدم النطفة وغيرها من الأجسام) .
[كلام الباقلاني في شرح اللمع]
قال القاضي أبو بكر: (اعلم أن هذا الذي ذكره هو المعول عليه في الاستدلال على حدوث سائر الأجسام، وذلك أن الذي عناه بقوله: لو كانت قديمة لم يلحقها الاعتمال والتأثير والانقلاب والتغير، وخروجها من صفة كانت عليها إلى صفة لم تكن عليها، كنحو خروجها عن السكون إلى الحركة، وعن الحركة إلى السكون، وكاستصلابها بعد لينها، وافتراقها بعد اجتماعها، وما يلحقها من تعاقب الأكوان، وغير ذلك من التغيرات، لأن القديم الحاصل على صفة من الصفات لا يجوز خروجه عنها على ماذكره أصلاً، وذلك أن القديم إذا لم يزل مجتمعاً مثلاً أو مفتقراً، أومتحركاً أو ساكناً، أو على بعض هذه الصفات، لم يجز خروجه عنه، لأنه لايخلو أن يكون على ما هو عليه في أزله: لنفسه، أو لعلة، أولا لنفسه ولا