بافتقار المحدث إلى الفاعل أمر نظري، وليس الأمر كذلك، بل هو ضروري عند جماهير العقلاء، وإن كان نظرياً عند طائفة من أهل الكلام من المعتزلة ومن وافقهم.
والشيء قد يكون ضرورياً مع إمكان إقامة الأدلة النظرية عليه، فلا منافاة بين كونه ضرورياً مستقراً في الفطر، وبين إمكان إقامة الدليل عليه.
[كلام الباقلاني في بيان معنى الخلق]
فقال القاضي أبو بكر:(وأما توجيه كلام أبي الحسن إلى أن الخلق بمعنى الاختراع والابتداع فصحيح مع أكثر أهل الدهر، لأن كثيراً من الدهرية والفلاسفة يزعمون أن العالم محدث من غير محدث، وأنه متشكل ومتصور بغير مصور ولا مدبر، مع إظهارهم الإقرار بحدوثه وأنهم لذلك يعتقدون، فإذا حصل هذا الإقرار من الفريق الذين ذكرناهم بحدث الأجسام وتصويرها وتركيبها، مع إنكارهم الصانع المصور، كان الكلام معهم في تعلقها بمحدث أحدثها وصورها، بعد الأصل الذي قد سلموه صحيحاً)
قال: (وقد زعم قوم من المسلمين أن شطر الحوادث، أو قريباً من شطرها، يقع من غير محدث ولا فاعل أصلاً، وهو ثمامة بن