يوجب أن تكون المكانة والقهر والعلو والعلم أكمل من القاهر العالم العالي ذي المكانة العالية، ومهما قدر أنه يسمى جهة فإما أن يكون عدماً فلا شرف له أصلاً، وإما أن يقدر موجوداً: إما صفة لله، وإما مخلوقاً لله، وعلى التقديرين فالموصوف أكمل من الصفة، والخالق أكمل من المخلوق، فكيف تكون الصفات والمخلوقات أكمل من الموصوف الخالق سبحانه وتعالى؟ ! .
[الوجه الخامس]
أن الجهة قد نعني بها نسبة وإضافة، كاليمين واليسار، والأمام والوراء فالعلو إذا سمي جهة بهذا الاعتبار، كان العالي بالجهة معناه: أن بينه وبين ما هو عال عليه نسبة وإضافة أوجبت أن يكون هذا فوق هذا، فهل يقال: إن هذه النسبة والإضافة التي بها وصف العالي بأنه عال أكمل من ذاته العالية الموصوفة بهذا العلو والنسبة.
[الوجه السادس]
أن يقال: هذا الذي قاله إنما يتوجه في المخلوق إذا علا على سقف أو منبر أو عرش أو كرسي أو نحو ذلك، فإن ذلك المكان كان عالياً بنفسه، وهذا صار عالياً لما صار فوقه بسبب علو ذلك.
فالعلو لذلك السقف والسرير والمنبر بالذات، ولهذا الذي صعد عليه بالعرض.
فكلامهم يتوجه في مثل هذا، وهذا في حق الله وهم وخيال فاسد، وتمثيل لله بخلقه، وتشبيه له بهم من صفات النقص التي يتعالى عنها.