وهؤلاء النفاة كثيراً ما يتكلمون بالأوهام والخيالات الفاسدة، ويصفون الله بالنقائص والآفات، ويمثلونه بالمخلوقات، بل بالناقصات، بل بالمعدومات، بل بالممتنعات، فكل ما يضيفونه إلى أهل الإثبات الذين يصفونه بصفات الكمال وينزهونه عن النقائص والعيوب، وأن يكون له في شيء من صفاته كفوا أو سمي، فما يضيفونه إلى هؤلاء من زعمهم أنهم يحكمون بموجب الوهم والخيال الفاسد، أو أنهم يصفون الله بالنقائص والعيوب، أو أنهم يشبهونه بالمخلوقات، هو بهم أخلق، وهو بهم أعلق، وهم به أحق، فإنك لا تجد أحداً سلب الله ما وصف به نفسه من صفات الكمال، إلا وقواه يتضمن لوصفه بما يستلزم ذلك من النقائص والعيوب ولمثيله بالمخلوقات، وتجده قد توهم وتخيل أوهاماً وخيالات فاسدة غير مطابقة بنى عليها قوله من جنس هذا الوهم والخيال، وأنهم يتوهمون ويتخيلون أنه إذا كان فوق العرش كان محتاجاً إلى العرش، كما أن الملك إذا كان فوق كرسيه كان محتاجاً إلى كرسيه.
وهذا عين التشبيه الباطل، والقياس الفاسد، ووصف الله بالعجز والفقر إلى الخلق، وتوهم أن استواءه مثل استواء المخلوق، أو لا يعلمون أن الله يجب أن نثبت له صفات الكمال وننفي عنه مماثلة المخلوقات؟ وأنه:{ليس كمثله شيء}[الشورى: ١١] ، لا في ذاته ولا في صفاته ولا أفعاله؟ فلا بد من تنزيهه عن النقائص والآفات ومماثلة شيء من المخلوقات، وذلك يستلزم إثبات صفات الكمال والتمام، التي ليس فيها كفو لذي الجلال والإكرام.
وبيان ذلك هنا أن الله مستغن عن كل ما سواه، وهو خالق كل