مكان يحتجون على النفاة منهم، الذين يقولون: ليس مبايناً للعالم ولا مداخلاً له، بأن قد اتفقنا على أنه ليس فوق العالم، وإذا ثبت ذلك تعين مداخلته للعالم، إما أن يكون وجوده وجود العالم، أو يحل في العالم، أو يتحد به، كما قد عرف من مقالاتهم.
والذين أنكروا الحلول والاتحاد من الجهمية، ليست لهم على هؤلاء حجة إلا من جنس حجة المثبتة عليهم، وهو قول المثبتة: إن ما لا يكون داخلاً ولا مبايناً غير موجود، فإن أقروا بصحة هذه الحجة بطل قولهم، وإن لم يقروا بصحتها أمكن إخوانهم الجهمية الحلولية أن لا يقروا بصحة حجتهم، إذ هما من جنس واحد.
[كلام الرازي في الرد على الحلولية]
واعتبر ذلك بما ذكره الرازي في الرد على الحلولية فإنه لما ذكر الكلام:(في أنه يمتنع حلول ذاته أو صفة من صفاته في شيء) ذكر: أن النصارى تقول بالحلول تارة والتحاد تارة أخرى) .
قال:(والحلول باطل، لأن الحلول إنما يعقل إذا كان الحال مفتقراً إلى المحل، فحلوله بصفة الجواز ينفي افتقار الحال إلى المحل، وبصفة الوجوب، يقتضي افتقار الواجب إلى غيره وحدوثه أو قدم المحل) .