للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالإرادة، لزم أن يكون فيه نقص يحتاج فيه إلى تمام من خارج؟ فإن هذا إنما يلزم لو كان المحرك له شيئاً منفصلاً عنه.

أما إذا لم يكن مبدأ فعله إلا منه، لم يلزم أن يكون محتاجاً إلى تمام من خارج.

وأنتم لم تقيموا دليلاً على أن كل فاعل بالإرادة لا يكون مبدأ فعله إلا بسبب من خارج، بل ادعيتم هذا دعوى مجردة.

ومن هنا يتبين فساد أصل كلامهم.

فنقول في:

[الوجه الثامن عشر]

أنتم لما ذكرتم أن حركة الأفلاك إرادية قلتم: إن المتحرك بالإرادة لا يكون إلا بمحبوب منفصل عنه، ثم إنكم قلتم: الأول لا يتحرك بالإرادة، لئلا يكون له محبوب منفصل فنحتاج إليه، ولم تذكروا دليلاً على أن كل متحرك بالإرادة يجب أن يكون مفتقراً إلى محبوب منفصل، بل ذكرتم هذا دعوى مجردة بنيتم عليها إثبات الأول، وبنيتم عليها امتناع كون الأول مؤثراً ويفعل بإرادة أو غير إرادة، وإذا لم يفعل بإرادة ولا غير إرادة امتنع وجود الممكنات، فامتنعت حركتها بالإرادة، فامتنع احتياجها إلى معشوق، فبطل دليلكم على إثبات الأول، فكان نفس دعواكم التي بنيتم عليها إثبات الأول وسلب أفعاله، ولم تقيموا عليها دليلاً، هي بعينها تستلزم عدم دليلكم على ثبوت الأول، فتبين أنه ليس في كلامكم لا إثبات للأول، ولا نفي لشيء عنه.

[الوجه التاسع عشر]

أن يقال: لم قلتم: إن كل فاعل بالإرادة أو كل متحرك، بالإرادة يجب أن يكون محتاجاً إلى مراد منفصل عنه غني عنه؟ ولم

<<  <  ج: ص:  >  >>