وأما قوله:(إن الشرف الحاصل بسبب الجهة لها بالذات، وللحاصل فيها بالعرض) .
[الرد عليه من وجوه]
فجوابه من وجوه:
إن هذا إنما يمكن أن يقال إذا كانت الجهة أمراً وجودياً، فأما إذا كانت أمراً عدمياً - والمراد بذلك أنه فوق العالم مباين له ليس معه هناك موجود غيره - لم يكن هناك شيء موجود غيره يستحق العلو، لا جهة ولا غيرها، فضلاً عن أن يستحق غيره العلو والشرف والذات.
وهؤلاء يتكلمون بلفظ الجهة والحيز والمكان، ويعنون بها تارة أمراً معدوماً، وتارة أمراً موجوداً، ولهذا كان أهل الإثبات، من أهل الحديث والسلفية من جميع الطوائف، فمنهم من يطلق لفظ (الجهة) ومنهم من لا يطلقه، وهما قولان لأصحاب أحمد والشافعي ومالك وأبي حنيفة وغيرهم من أهل الحديث والرأي.
وكذلك لفظ (المكان) منهم من يطلقه ومنهم من يمنع منه.
وأما لفظ (المتحيز) فمنهم من ينفيه، وأكثرهم لا يطلقه ولا ينفيه، لأن هذه ألفاظ مجملة تحتمل حقاً وباطلاً.
وإذا كان كذلك فيقال: قول القائل (إن الله في جهة أو حيز أو مكان) إن أراد به شيئاً موجوداً غير الله، فذلك من جملة مخلوقاته ومصنوعاته، فإذا قالوا: إن الله فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه، امتنع أن يكون محصوراً أو محاطاً بشيء موجود غيره، سواء سمى مكاناً أو جهة أو حيزاً أو غير ذلك، ويمتنع أيضاً أن يكون محتاجاً إلى