للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[اعتراض]

فإن قيل: فهذا يوجب القدح في شهادة العقل، حيث شهد بصدق الرسول، وشهد بصدق العقل المناقض لخبره.

[الرد عليه. الجواب الأول]

الرد عليه.

الجواب الأول

قيل له عن هذا جوابان: أحدهما: إنا نحن يمتنع عندنا أن يتعارض العقل والسمع القطعيان، فلا تبطل دلالة العقل، وإنما ذكرنا هذا علي سبيل المعارضة، فمن قدم دلالة العقل علي السمع يلزمه أن يقدم دلالة العقل الشاهد بتصديق السمع، وأنه إذا قدم دلالة العقل لزم تناقضها وفسادها، وإذا قدم دلالة السمع لم يلزم تناقضها في نفسها، وإن لزمه أن لا يعلم صحتها، وما علم فساده أولي بالرد مما لم تعلم صحته ولا فساده.

[الجواب الثاني]

والجواب الثاني: أن نقول: الأدلة العقلية التي تعارض السمع غير الأدلة العقلية التي يعلم بها أن الرسول صادق، وإن كان جنس المعقول يشملها.

ونحن إذا أبطلنا ما عارض السمع إنما أبطلنا نوعاً مما يسمي معقولاً، لم نبطل كل معقول، ولا أبطلنا المعقول الذي علم به صحة المنقول، وكان ما ذكرناه موجباً لصحة السمع وما علم به صحته من العقل.

ولا مناقضة في ذلك، ولكن حقيقة أنه قد تعارض العقل الدال علي صدق الرسول والعقل المناقض لخبر الرسول، فقدمنا ذلك المعقول علي هذا المعقول، كما نقدم الأدلة الدالة علي صدق الرسول علي الحجج الفاسدة والقادحة في نبوات الأنبياء، وهي حجج عقلية.

بل شبهات المبطلين القادحين في النبوات قد تكون أعظم من كثير من الحجج العقلية التي يعارض بها خبر الأنبياء عن أسماء الله وصفاته وأفعاله ومعاده، فإذا كان

<<  <  ج: ص:  >  >>