فإن أولئك جعلوا الوجودين وجوداً واحداً، وهذا جعل نفس علم الخالق ووجود المخلوق شيئاً واحداً، فتلك وحدة في وجوده، وهذه وحدة في علمه، مع وجود المخلوقات.
ولا ريب أن قول النصارى بالاتحاد والحلول، أقرب إلى المعقول من قول هؤلاء، فإن أولئك يجعلون الكلمة.
التي هي عندهم جوهر قد تجدد له اتحاد بالمسيح، وهؤلاء جعلوا نفس علمه اللازم له، الذي لم يزل ولا يزال، هو نفس المخلوقات كلها.
ونحن نبين فساد مقدماته التي استسلفها، وفساد نتائجه التي استنتجها.
أما قوله: العاقل، كما لا يحتاج في إدراك ذاته إلى صورة غير صورة ذاته التي بها هو هو.
فلا يحتاج أيضاً في إدراك ما يصدر عن ذاته بذاته إلى صورة غير صورة تلك الصادر التي بها هو هو.
[الوجه الأول]
فيقال: كلا المقدمتين ممنوع، فلا نسلم أنه لا يحتاج في إدراك ذاته إلى صورة غير صورة ذاته، ولا نسلم أنه إذا كان كذلك لا يحتاج في إدراك ما يصدر عنه إلى صورة غير صورة الصادرة عنه.
والمقدمة الأولى له فيها سلف، وعليها بنى طائفة من الفلاسفة المتقدمين والمتأخرين، كالسهروردي المقتول، كلامهم في مسألة