لمن فهمه أنه من أفسد أقوال الآدميين، وأشبه الأشياء بأقوال المجانين.
ولا ريب أن هذه عقول كادها باريها، لما ألحدت في صفات الله تعالى، وأرادت نصر التعطيل، وقعت في هذا الجهل الطويل.
فجعل نفس الحقائق، المعلومة الموجودة المباينة للعالم، هي نفس علم العالم بها، ولا ريب أن هذا أفسد من قول من جعل العلم نفس العالم، كما يقوله طائفة من النفاة، كابن رشد ونحوه وقول أبي الهذيل خير منه.
ولا ريب أن من جعل نفس المخلوقات نفس علم الخالق بها.
فقد أتى من السفسطة بما هو من أعظم الأشياء فرية على الخالق تعالى وعلى مخلوقاته، وما هو من أظهر الأقوال فساداً عند كل من تدبره.
والحمد لله الذي جعل أقوال الملحدين يظهر فسادها لكل ذي عقل، كما علم إلحادهم كل ذي دين، هذا مع تعظيم أتباعهم لهم، ونسبتهم لهذا ونحوه إلى التحقيق في المعارف الحكمية، والعلوم الإلهية.
ثم إن هذه اللوازم الظاهرة لفساد بناها على مقدمة ستسلفها ممن سلمها له من أشباهه.
وأقرب الأشياء شبهاً بهذا القول، قول أهل الوحدة، الذين يقولون: وجود المخلوق عين وجود الخالق.