الآخر؟ وهذا أول المسألة، والتفاضل وقع من الجانب المتناهي، لا من الجانب الذي ليس بمتناه، فلم يقع فيما لا يتناهى تفاضل.
[السادس والتعليق عليه]
قال الرازي: السادس: (لو كانت الأدوار الماضية غير المتناهية كان وجود اليوم موقوفاً على إنقضاء ما لا نهاية له، والموقوف على المحال محال) .
قال الأرموي: ولقائل أن يقول: انقضاء ما لا نهاية له محال، وأما انقضاء ما لا بداية له ففيه نزاع.
قلت: هنا نزاع لفظي ونزاع معنوي، أما اللفظي، فهو أنه إذا قدر تسلسل الحوادث في الماضي وعدم إنقطاعها وأنها لا أول لها، فهل يعبر عن هذا بأن يقال: لا نهاية لها، أو يقال: لا بداية لها، ولا يقال لا نهاية لها؟ فالمستدل عبر بأنه لا نهاية لها، والمعترض أنكر ذلك، وهذا نزاع لفظي.
وذلك أنه يقال: هذا غير متناه، بمعنى أنه ليس له حد محدود، وقد يقال:(غير متناه) بمعنى أنه لا آخر له، ويقال (هذا له نهاية) أي: له آخر، و (هذا لا نهاية له) أي: لا آخر له، والحوادث الماضية إذا قدر أنها لم تزل، فإنه يقال:(لا نهاية لها) بالمعنى الأول، وأما بالمعنى الثاني: فقد انقضت وانصرمت ولها آخر.