للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو السبب الأول في أن لم يصرح الشرع بأنه ليس بجسم بين.

قال: فلذلك أضرب الإمام المهدي عن هذا الدليل، إذ كان لا يرضى الخواص ولا يقنع الجمهور، وسلك طريقاً عجيباً مشتركاً للصنفين جميعاً.

وهذا من خواصه في العلم، لا يعلم أحد ممن سلكه قبل ذلك، وهو طريق إثبات المثلية بين الأجسام، التي هي المساواة في جميع الخواص، فخاصة في تماثل قوتها في التناهي، أعني كل جسم قوته متناهية، وفي تماثلها في التركيب، وذلك أن من هاتين الجهتين افتقرت الأجسام إلى الفاعل.

أما افتقارها من جهة التركيب، فلأن كل مركب جائز، وكل جائز مفتقر إلى الفاعل.

وأما افتقارها إلى الفاعل من جهة تناهي قوتها، فلأن كل متناهي القوة، إن لم يقدر الفاعل الموت له تناهت قوته وفسد، ولم يمكن فيه أن يبقى طرفة عين.

وهو معنى قوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} [طه: ٥] ، فأنى بهذا الترياق الأعظم لهذا الداء العضال!.

قلت: ولقائل أن يقول: إن كان هذا المعلوم حقاً، فيمتنع أنه لم يعلمه أحد قبل ابن التومرت ممن هو أعلم بالله وأفضل منه.

وإذا كانت تلك الطريق باطلة، وهذا هو الطريق ولم يسلكه غيره، فلا يعلمه أحد قبله.

وهكذا كل من سلك طريقاً في النفي زعم أنه لم يسلكه غيره، فإنه يوجب أن ذلك لم يعلم قبله، فلا يكون من تقدم من خيار هذه الأمة

<<  <  ج: ص:  >  >>