معتقدين لهذا النفي، ولو كان حقاً لاعتقدوه، فما ذكره من المدح يعود بنقيض مقصوده.
وأيضاً فيقال: القول بتماثل الأجسام والاستدلال بذلك طريق معروفة سلكها المعتزلة، ومن وافقهم من الأشعرية وغيرهم.
والأشعري في كتاب الإبانة يقتضي كلامه أنه خالفهم فيها، فليست طريقاً غريبة.
وأيضاً فإنه لم يذكر دليلاً على تماثلها أصلاً.
وأما ما ذكره من التركيب وتناهي القوة، فإن صح كان دليلاً بنفسه.
فإنه سبحانه غني عن كل ما سواه، فلا يجوز أن يفتقر إلى فاعل بالضرورة باتفاق العقلاء.
وأيضاً فإنه لم يذكر دليلاً على تركيب الجسم وتناهي قوته.
والمنازع ينفي كلاً من الأمرين، كما قد ذكر في موضعه.
وأعجب من ذلك تفسير قوله:{الرحمن على العرش استوى}[طه: ٥] ، بهذا المعنى، فإن فساد هذا أوضح من أن يحتاج إلى بيان.
قال: وأما السبب الثاني، فهو أن الجمهور يرون أن الموجود هو المتخيل والمحسوس، وأن ما ليس بمتخيل ولا محسوس فهو عدم.
فإذا قيل لهم: إن ها هنا موجوداً ليس بجسم ارتفع عنهم التخيل، فصار عندهم من قبيل المعدوم، ولا سيما إذا قيل: إنه لا داخل العالم ولا خارجه، ولا فوق ولا أسفل.