فإذا خطر لهم شيء من ذلك وجب عليهم النظر والاستدلال لدفعه، وأن لا يتمكثوا ولا يتثبطوا عن النظر حتى يصلوا إلى عين الحق الرافع للشبهة، فإن لم يصلوا إلى ذلك لم يؤدوا ما فرض عليهم من الإيمان علىحقه، وإن عجزوا عن ذلك لم يكن عجزهم عذراً عن الوصول إلى حقيقة الحق) .
قال:(وقالت طائفة: لا يجب عليهم ذلك، ويحل لهم البقاء على ما هم عليه، وأن لا يعتقدوا في ذلك شيئاً، مع القيام على السنة) .
قال:(والدلالة عليه أنا قد قدمنا الدليل على وجوب معرفة الله، وسائر المعارف الدينية: من التوحيد، وصحة النبوة، والدين.
وبينا أن حقيقة المعرفة إنما تكون بالعلم وأبطلنا أن يكون التقليد طريقاً إلىالعلم.
وإنما يصل إلى العلم به واليقين فيه إذا خرج عن الشبهة العارضة، الموجبة للشك، الناقلة عن الحق.
وإذا ثبت ذلك بالأدلة المتقدمة، فمدعي المعرفة مع ترك النظر والاستدلال - المؤدي إلى الدليل القاطع المتوقف على حقيقة التوحيد والمعارف الدينية - مبطل وإذا كان مبطلاً في معرفته لم نحكم بإيمانه، لأن الإيمان ها هنا هو التصديق، وإنما يصدق بما يزول معه الشك، ويبرأ من عهدة الاشتباه) .
وبسط الكلام في ذلك العادة المعروفة.
وقد قال في كتابه الكبير الذي سماه منهاج الهدى:(فصل في معرفة الله وسائر معارف الدين: كسبية وليست حاصلة بطريق الضطرار) .