ولهذا كان أحد الملكين غير قادر على أن يكون ملكاً مع ملك غيره، بل إنما يكون ملكاً مع انتفاء ملك غيره.
وأيضاً فإنه إذا كان أحدهما قادراً، ولم يمنعه أن يكون قادراً فاعلاً للفعل إلا كون الآخر قادراً عليه فاعلاً له، لزم أن يكون كل منهما ممنوعاً حال ما هو مانع، وقادراً حال ما هو غير قادر، فإن أحدهما حينئذ لا يمنعه من الفعل المعين كون الآخر قادراً عليه فاعلاً له، وذلك لا يكون قادراً فاعلاً، إلا إذا لم يكن ممنوعاً، ولا يكون ممنوعاً إلا إذا كان المانع قادراً، فيلزم ألا يكون هذا قادراً إلا إذا كان غير قادر، ولا ممنوعاً إلا إذا كان غير ممنوع، ولا فاعلاً إلا إذا كان غير فاعل، وذلك جمع بين النقيضين.
وهذا كله بين في فطر الناس، فإنه يعلمون أن من كان أميراً أو متولياً على فعل، أو إماماً لقوم، أو قاعداً في مكان، لم يقدر غيره أن يكون أميراً، أو متولياً أو إماماً، أو فاعلاً، حال كون الآخر أميراً، أو متولياً، أو إماماً، أو قاعداً.
فتبين أن القادر على الفعل لا يقدر حال فعل الآخر له، ولا حال قدرة الآخر عليه.
أما قدرته حال فعل الآخر، فظاهر الامتناع.
وأما حال قدرة الآخر، فلا يمكن أن يفعله، إلا إذا سكت الآخر عن فعله، وتركه وحده يفعل، وأما حال فعل الآخر فلا يكون قادراً.
فتبين أن اجتماع قادرين بأنفسهما ممتنع لذاته في فطر جميع الناس