للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أخر فإن العرش أيضاً مخلوق، كما أخبرت بذلك النصوص، واتفق على ذلك المسلمون، فأساطين الفلاسفة المتقدمون كانوا - فيما نقل الناقلون عنهم - قولهم يوافق هذا، لم يكونوا بقدم العالم، فإن هذا قول ليس عليه دليل أصلاً، مع أنه في غاية الفساد.

وحقيقته أن الصانع لم يصنع شيئاً، وأن الحوادث تحدث بلا محدث، بل حقيقته أن هذا العالم واجب الوجود، وأنه ليس له مبدع.

وأرسطو إنما أثبت له علة غائية يتشبه الفلك لها، واستدل عليه بكون حركة الفلك عنده اختيارية، فلا بد لها من غاية، وقال: إن العلة الأولى تحرك الفلك كما يحرك المعشوق عاشقه، والمشوق في الحقيقة ليس له قصد ولا علم ولا فعل في تحريك العاشق، بل ذاك لمحبته يتحرك إليه، فكيف وحقيقة قولهم أن يتحرك للتشبه به، كمايتحرك المأموم للتشبه بإمامه؟ فهكذا يقولون: أن الفلك يتحرك للتشبه بالعلة الأولى.

وقد بينا فساد قوله.

وحكينا ما ذكره أصحابه من أقواله، وما فيها من الفساد، في غير هذا الموضع.

والمقصود هنا أن يعلم العقلاء أنه مخالف لصريح العقل، ليس من دين المسلمين، كما أنه من خالف كتاب الله، وسنة رسوله، أو إجماع السابقين، ليس من دين المسلمين، فليس في دينهم الصحيح: لا ما يخالف صحيح المنقول، ولا ما يخالف صريح المعقول، ولاما يناقض صحيح المنقول وصريح المعقول.

<<  <  ج: ص:  >  >>