وهذا الكلام، وإن كان فساده معلوماً من وجوه كثيرة، كما قد بسط في موضعه، فالمقصود هنا أنه ليس في الموجودات الواحد البسيط الذي يصفونه، وهو المجرد عن جميع صفات الإثبات الذي لا يوصف إلا بالسلوب والإضافات، بل هذا الواحد لا حقيقة له.
وأيضاً فإنه لا يعرف في الوجود واحد صدر عنه بمجرده شيء، وما يمثلون به من أن النار لا يصدر عنها إلا الإحراق والتسخين، والماء لا يصدر عنه إلا التبريد، والشمس يصدر عنها الشعاع، ونحو ذلك كلها حجج عليهم، فإن هذه الآثار لم تصدر عن مجرد هذه الأجسام وطبائعها، بل لا تكون السخونة والإحراق إلا عن شيئين: أحدهما: النار أو الشعاع أو الحركة، فإن هذه الثلاثة من أسباب السخونة.
والثاني: محل قابل لذلك، كبدن الحيوان والنبات، ونحو ذلك، وإلا فالسمندل والياقوت وغيرهما لما لم تكن فيه قوة القبول لم تحرقه النار.
وكذلك الشعاع لا بد له من محل يقبل الانعكاس عليه، وإلا فإذا لم يكن هناك جسم قابل له لم يحدث الشعاع.
وهؤلاء الملاحدة يقولون: إن الأول الواجب الوجود، الذي