فقد تبين أن هذه القوة تدرك معاني غير محسوسة وغير متأدية في الحس، ففرق بينها وبين الحسية والخيالية بأن الخيالية إدراك ما تأدى من الحس.
وقد فسر الشارحون ما دل عليه كلامه فقالوا هذا بيان إثبات الوهم والحافظة: أما الوهم فقوة يدرك الحيوان بها معاني جزئية لم تتأد من الحواس إليها، كإدراك العداوة والصداقة والموافقة والمخالفة في أشخاص جزئية، فإدراك تلك المعاني دليل على وجود قوة تدركها، وكونها مما لا يتأدى من الحواس، دليل على مغايرتها للحس المشترك، ووجودها في الحيوانات العجم دليل على مغايرتها للنفس الناطقة.
قالوا: وقد يستدل على ذلك أيضاً بأن الإنسان ربما يخاف شيئاً يقتضي عقله الأمن منه كالموتى، وما يخالف عقله فهو غير عقله.
وقال ابن سينا في إشاراته: (كل ملتذ به فهو سبب كمال يحصل للمدرك هو بالقياس إليه خير، ثم لا يشك أن الكمالات وإدراكاتها متفاوتة، فكمال الشهوة مثلاً أن يتكيف العضو