ولهذا كان في عامة طوائف النظار من يوافق أهل الإثبات على إثبات الصفات، بل وعلى قيام الأمور الاختيارة في ذاته وعلى العلو، كما يوجد فيهم من يوافقهم على أن الله خالق افعال العباد، فأخذق متأخري المعتزلة هو أبو الحسين البصري، ومن عرف حقيقة كلامه علم انه يوافق على إثبات كونه حياً عالما قادراً، وعلى أن كونه حيا ليس هو كونه عالما، وكونه عالما ليس كونه قادرا لكنه ينازع مثبتة الأحوال الذين يقولون: ليست موجودة ولا معدومة.
وهذا الذي اختاره هو قول أكثر مثبتة الصفات، فنزاعه معهم نزاع لفظي، كما انه يوافق على أن الله يخلق الداعي في العبد، وعند وجود الداعي والقدرة يجب وجود المقدور.
وهذا قول أئمة أهل الإثبات وحذاقهم الذين يقولون: إن الله خالق أفعال العباد.
وهو أيضاً يقول: إنه سبحانه مع علمه بما سيكون فإنه إذا كان يعلمه كائناً فعالميته متجددة.
وابن عقيل يوافق على ذلك، وكذلك الرازي وغيره، وهذا موافق لقول من يقول بقيام الحوادث به.
وبعض حذاق المعتزلة نصر القول بعلو الله ومباينته لخلقه بالأدلة العقلية، وأظنه من أصحاب أبي الحسين.