وهؤلاء عمدوا إلى المعاني كالصحيحة العقلية وأطلقوا عليها ألفاظاً مجملة تتناول الباطل الممتنع، كالرافض الذي يسمى أهل السنة ناصبة، فيوهم أنهم نصبوا العداوة لأهل البيت رضي الله عنهم.
وقد بينا في غير هذا الموضع أن إثبات المعاني القائمة التي توصف بها الذات لا بد منه لكل عاقل، وأنه لا خروج عن ذلك: إلا بجحد وجود الإرادة، فقود هذه المقالة يستلزم أن يكون وجود كل شيء هو عين وجود الخالق تعالى، وهذا منتهي الإلحاد، وهو مما يعلم بالحس والعقل والشرع أنه في غاية الفساد، ولا مخلص من هذا إلا بإثبات الصفات، مع نفي مماثلة المخلوقات، وهو دين الذين آمنوا وعملوا الصالحات.
وذلك أن نفاة الصفات من المتفلسفة ونحوهم يقولون: إن العاقل والمعقول والعقل، والعاشق والمعشوق والعشق، واللذة واللذيذ والملتذ: هو شيء واحد، وإنه موجود واجب له عناية، ويفسرون عنايته بعلمه أو عقله، ثم يقولون: وعلمه أو عقله هو ذاته، وقد يقولون: إنه حي عليم قدير مريد متكلم سميع بصير، ويقولون: إن ذلك كله شيء واحد، فإرادته عين قدرته، وقدرته عين علمه، وعلمه عين ذاته.