عنهم: أنهم يصفون الجميع بوجوب الوجود، وهذا تناقض في نقل أقوالهم.
ثم إبطال هذه الأقوال بناء على توحيدهم، الذي مضمونه نفي الصفات، لكون الواجب لا يكون إلا واحداً، قد عرف فساده.
قال الرازي: فأما القائلون بأن واجب الوجود واحد، فقد اختلفوا على قولين: منهم من قال: إنه تعالى لم يكن في الأزل فاعلاً، ثم صار فيما لا يزال فاعلاً، وهم المليون بأسرهم.
ومنهم من قال: أنه كان في الأزل فاعلاً، وهم أكثر الفلاسفة.
قلت: القول الذي حكاه عن المليين بأسرهم هو قول طوائف من أهل الكلام المحدث منهم، الذين ذمهم السلف والأئمة، ولا يعرف هذا القول عن نبي مرسل، ولا أحد من الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين.
لم يقل أحد من هؤلاء: إن الله لم يكن فاعلاً ثم صار فاعلاً، وإنما المعروف عنهم ما جاء به الكتاب والسنة، من أن الله رب كل شيء ومليكه وخالقه، فكل ما سواه مخلوق حادث بعد أن لم يكن.
وهذا هو الذي نطق به الكتاب والسنة، واتفق عليه أهل الملل.
وكذلك نقله عن جمهور الفلاسفة: إن الله لم يزل فاعلاً، كلام مجمل، فجماهير الفلاسفة لا يقولون بقدم العالم.
وأول من ظهر عنه منهم القول بقدمه هو أرسطو.
ولا يلزم من قال: إنه لم يزل فاعلاً، أن يقول بقدم شيء من العالم، إذ يمكنه مع ذلك أن يقول: لم يزل فاعلاً لشيء بعد شيء، فكل ما سواه مخلوق محدث، وهو لم يزل فاعلاً.