وقد أخبرت الرسل أن الله خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش، وأن الله كان ولم يكن قبله شيء، وكان حينئذ عرشه على الماء، ثم كتب في الذكر كل شيء، ثم خلق السموات والأرض.
وليس في كتاب الله ولا سنة رسوله، ولا قول أحد من السلف، هذا القول الذي حكاه عن أهل الملل كلهم، بل صرح أئمة الإسلام بأن الله لم يزل متكلماً إذا شاء، قادراً على ما يشاء، فاعلاً يقوم به الفعل الذي يشاؤه، بل وصرحوا أنه لم يزل فاعلاً، وأن الحي لا يكون إلا فعالاً، يقوم به الفعل.
ولفظ بعضهم: أن الحي لا يكون متحركاً، وعبارة بعضهم: كان محسناً فيما لم يزل، عالماً بما لم يزل، إلى ما لم يزل.
وعبارة بعضهم: كان غفوراً رحيماً، عزيزاً حكيماً، ولم يزل كذلك.
فنقل الرازي لمقالة أهل الملل، كنقل ابن سينا لمقالات الفلاسفة.
فكلا الرجلين لم يذكر في هذا المقام أقوال أئمة الفلاسفة المتقدمين الأساطين، ولا أقوال الأنبياء والمرسلين، ومن اتبعهم من الصحابة والتابعين، كأئمة المسلمين وعلماء الدين، بل هذه الخمسة الأقوال التي ذكرها هذان وأتباعهما، ليست قول هؤلاء، ولا قول هؤلاء.
ولهذا كان جميع ما ذكروه، من الأقوال التي ينصرونها ويزيفونها، أقوالاً يظهر فسادها وتناقضها.