كما مثل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله:«كما تنتج البهيمة بهيمةً جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء» ، فبين أن البهيمة تولد سليمة، ثم يجدعها الناس، وذلك بقضاء الله وقدره، فكذلك المولود يولد على الفطرة سليماً، ثم يفسده أبواه، وذلك أيضاً بقضاء الله وقدره.
وإنما قال الأئمة: ولد على ما فطر عليه من شقاء وسعادة، لأن القدرية كانوا يحتجون بهذا الحديث على أن الكفر والمعاصي ليس بقدر الله، بل مما فعله الناس، لأن كل مولود يولد خلقه على الفطرة، وكفره بعد ذلك من الناس.
ولهذا قالوا لـ مالك بن أنس: إن القدرية يحتجون علينا بأول الحديث، فقال: احتجوا عليهم بآخره.
وهو قوله: الله أعلم بما كانوا عاملين.
فبين الأئمة أنه لا حجة فيه للقدرية، فإنهم لا يقولون إن نفس الأبوين خلقا تهوده وتنصره، بل هو تهود وتنصر باختياره، لكن كانا سبباً في ذلك بالتعليم والتلقين، فإذا أضيف إليهم بهذا الاعتبار، فلأن يضاف إلى الله الذي هو خالق كل شيء بطريق الأولى، لأن الله، وإن خلقه مولوداً على الفطرة سليماً، فقد قدر عليه ما سيكون بعد ذلك من تغييره وعلم ذلك.
كما في الحديث الصحيح: (إن الغلام الذي قتله الخضر يوم طبع