العقليات كما يقوله الملاحدة الباطنية مثل أبي يعقوب السجستاني وأمثاله ولهذا لا يوجبون العمل بالشرائع على من وصل إلى حقيقة العلم، ويقولون إنه لم يجب على الأنبياء ذلك وإنما كانوا يفعلونه لأنه من تمام تبليغهم الأمم ليقتدوا بهم في ذلك لا لأنه واجب على الأنبياء وكذلك لا يجب عندهم على الواصلين البالغين من الأمة والعلماء.
ودخل في ذلك طائفة من ضلال المتصوفة ظنوا أن غاية العبادات هو حصول المعرفة فإذا حصلت سقطت العبادات وقد يحتج بعضهم بقوله {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين} الحجر ٩٩ ويزعمون أن اليقين هو المعرفة وهذا خطأ بإجماع المسلمين أهل التفسير وغيرهم فإن المسلمين متفقون على أن وجوب العبادات كالصلوات الخمس ونحوها وتحريم المرحمات كالفواحش والمظالم لا يزال واجباً على كل أحد ما دام عقله حاضراً، ولو بلغ، وأن الصلوات لا تسقط عن أحد قط إلا عن الحائض والنفساء أو من زال عقله.
مع أن من زال عقله بالنوم فانه يقضيها بالسنة المستفيضة المتلقاه واتفاق العلماء وأما من زال عقله بالإغماء ونحوه مما يعذر فيه ففيه نزاع مشهور: منهم من يوجب قضاءها مطلقاً كأحمد ومنهم من لا يوجبه كالشافعي ومنهم من يوجب قضاء ما