وإن قيل: بل إحداهما عقب الآخرى في الزمان كأجزاء الزمان المتلاحقة، بطل قول القائل: إنهما معاً في الزمان.
وكثيراً ما يشتبه على الناس الوجود مع الشيء بالوجود عقبه، بل يطلقون لفظ المع على المعاقب له ويقولون: جاءا معاً، وإن كان مجيء أحدهما معاقباً للآخر إذا لم يكن بينهما فصل، بل يطلقون ذلك مع قرب الآخر، فالحادثات إذا كان زمانهما واحداً أو حدث أحدهما عقب حدوث الآخر بلا فصل، كأجزاء الحركة والزمان لم يميز أكثر الناس بين هذا وهذا بالحس.
وحينئذ فقول القائل: تحركت يدي فتحرك كمي.
يقال له: لم لا يجوز ان يكون هذا مع هذا كاجزاء الحركة والزمان بعضها مع بعض.
والحركة تحدث شيئاً فشيئاً من الفاعل والقابل، فمن حرك سلسلة أو حبلاً معلق الطرفين، فإنه إذا حرك أحد الطرفين تحرك شيئاً فشيئاً، حتى تنتهي الحركة إلى الطرف الآخر، وهي متعاقبة كتعاقب زمان تلك الحركة في أحدهما أسبق من الآخر، مثل البدن إذا تحرك منتقلاً، فإن أجزاء البدن تتحرك في آن واحد، لا يسبق بعهضا بعضاً إلا ما تقدم من الحركة كما تتقدم إحدى الرجلين على الآخرى، بخلاف خرزات الظهر المتصلة تتصل