للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه طوائف من المشركين إلي اليوم، وهو الذي صنف فيه الرازي السر المكتوم وغيره من المصنفات.

فإن قال المنازعون: بل الخليل إنما أراد أن هذا رب العلمين.

قيل: فيكون إقرار الخليل حجة علي فساد قولكم، لأنه حينئذ يكون مقراً بأن رب العالمين قد يكون متحيزاً متنقلاً من مكان إلي مكان، متغيراً، وإنه لم يجعل هذه الحوادث تنافي وجوده، وإنما جعل المنافي لذلك أفوله، وهو مغيبه، فتبين أن قصة الخليل إلي أن تكون حجة عليهم أقرب من أن تكون حجة لهم، ولا حجة لهم فيها بوجه من الوجوه.

وأفسد من ذلك قول من جعل الأفول بمعني الإمكان، وجعل كل ما سوي الله آفلاً، بمعني كونه قديماً أزلياً، حتى جعل السماوات والأرض والجبال والشمس والقمر والكواكب لم تزل ولا تزال آفلة، وأن أفولها وصف لازم لها، إذ هو كونها ممكنة، والإمكان لازم لها، فهذا مع كونه افتراء علي اللغة والقرآن افتراء ظاهراً يعرفه كل أحد، كما افتري غير ذلك من تسمية القديم الأزلي محدثاً، وتسميته مصنوعاً ـ فقصة الخليل حجة عليه، فإنه لما رأي القمر بازغاً قال هذا ربي ولما رأي الشمس بازغة قال هذا ربي

فلما أفلت قال: لا أحب الآفلين فتبين أنه أفل بعد أن لم يكن آفلاً، فكون الشمس والقمر والكواكب وكل ما سوي الله ممكنا هو وصف لازم له، لا يحدث له بعد أن لم يكن.

<<  <  ج: ص:  >  >>