وتسمية ما أبدعه غيره مخلوقاً، أحسن وأبين من تسمية هذا ممكناً، إذا الممكن لا يوصف به في العادة إلا المعدوم الذي يمكن أن يوجد وأن لا يوجد، وأما وجد فقد خرج عن افمكان إلى الوجوب بالغير فالمعروف في فطر الناس أن ما مضى وجود وعدم لا يسمونه ممكناً، وإنما يسمون بالممكن شيئاً يمكن وجوده في المستقبل وعدمه في المستقبل
ثم إذا عرف أن كل ما سوى الوجود بنفسه فهو مفعول مصنوع له، علم أن المصنوع المفعول لا يكون إلا محدثاً، كما قد بسط في موضعه، وهذه الاعتراضات ليست اعتراضات على إثبات واجب الوجود، فإنه حق، لكن على هذا الطريق الذي سلكه حيث أثبت ذاتاً ممكنة، مع كونها عنده قديمة أزلية، ولا يحتاج إثبات واجب الوجود إلى هذا في هذه الطريق
بل إذا قيل كل موجود فإما موجود بنفسه وإما موجود بغيره، والموجود بغيره لا يوجد إلا بالموجود بنفسه، ثبت وجود الموجود بنفسه، وإذا سمي هذا واجباً وهذا ممكناً، كان ذلك أمراً لفظياً ٠ لكن المقصود أنه لا يثبت واجب الوجود بما يدعي أنه ذات تقبل الوجود والعدم، وهؤي مع ذلك قديمة أزلية واجبة، فالواجب لا يقبل العدم بحال، والله أعلم