للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإنسان يقدر في نفسه أشياء كثيرة يجوزها ولا يعلم أنها ممتنعة، ومع هذا فهي ممتنعة في الخارج لأمور أخر

فإن قال أريد به الإمكان الذهني، لم ينفعه ذلك، لأن غايته عدم العلم بامتناع كون تلك الصفة واجبة له

وإن قال أريد إمكان الخارجي وهو أني اعلم أن كل موصوف بصفة، أو كل ذي قدر يمكن أن يكون بخلاف ذلك، كان مجازفاً في هذا الكلام، لأن هذه قضية كلية تتناول من الأفراد ما لا يحصيه إلا الله تعالى، وليس معه دليل يدل على إمكان ذلك في الخارج يتناول جميع هذه الأفراد ٠ غايته انه رأى بعض الموصوفات والمقدرات يقبل خلاف ما هو عليه، فإذا قاس الغائب على الشاهد كان هذا من أفسد القياس لاختلاف الحقائق، ولأن هذا ينعكس عليه

فيقال له لم نر إلا ماله صفة، فيقاس الغائب على الشاهد

ويقال كل قائم بنفسه فله صفة وقدر، وهذا إلى المعقول أقرب من قياسهم، فإن هذا لا يعلم انتقاضه

وأما قول القائل كل ماله صفة وقدر فيقبل خلاف ذلك، فلا يعلم اطراده، فأين القياس الذي لا يعلم افتقاده من القياس الذي لا يعلم اطراده؟

والناس متفقون على أنهم لم يروا موجوداً إلا له صفة وقدر وليسوا متفقين على أن كل ما رأوه يمكن وجوده على خلاف صفاته

<<  <  ج: ص:  >  >>