فيقال فكل منهما مختص بأمر فهو متوقف على ما اختصت به نفسه وعلى ما اختص به الآخر فيلزم أن يكون هناك اختصاصات فالقول في ذلك الاختصاص كالقول في الأول.
وبالجملة اختصاص الشيء بما هو عليه من خصائص كاختصاصه بنفسه ووجوده وصفاته كلها لازمها عارضها فقول القائل كل مختص لا بد له من مخصص مباين له كقوله كل موجود فلا بد له من موجد مباين له وكل حقيقة فلا بد لها من محقق مباين لها وكل قدئم بنفسه فلا بد له من مقوم مباين له وأمثال ذلك.
فإنه ما من أمر من هذه الأمور إلا ويمكن الذهن أن يقدره على خلاف ما هو عليه ومجرد تقدير إمكان ذلك في الذهن لا يوجب إمكان ذلك في الخارج، ولكن طائفة من أهل الجدل الباطل والحكمة السوفسطائية يستدلون على إمكان الشيء في الخارج بإمكانه في الذهن كما يوجد مثل ذلك في كلام كثير من أهل الكلام والفلسفة.
والرازي والآمدي ونحوهما يستعملون ذلك كثيراً كاستدلال الرازي وغيره على إمكان وجود موجود لا مباين للعالم ولا مجانب بأن يقولوا القسمة العقلية تقتقضي أن كل موجود فاما مباين لغيره وإما مجانب له وإما لا مباين ولا مجانب أو كل موجود فإما داخل في غيره وإما خارج عنه وإما لا داخل ولا خارج.