للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمقصود هنا أنه لو قدر أن الدليل يفتقر إلي مقدمات، ولم يذكر القرآن إلا واحدة، لم يكن قد ذكر الدليل، إلا أن تكون البواقي واضحات لا تفتقر إلي مقدمات خفية، فإنه إنما يذكر للمخاطب من المقدمات ما يحتاج إليه، دون ما لا يحتاج إليه، ومعلوم أن كون الأجسام متماثلة، وأن الأجسام تستلزم الأعراض الحادثة، وأن الحوادث لا أول لها ـ من أخفي الأمور وأحوجها إلي مقدمات خفية، لو كان حقاً، وهذا ليس في القرآن.

والمقصود هنا أنه لو قدر أن الدليل يفتقر إلي مقدمات، ولم يذكر القرآن إلا واحدة، لم يكن قد ذكر الدليل، إلا أن تكون البواقي واضحات لا تفتقر إلي مقدمات خفية، فإنه إنما يذكر للمخاطب من المقدمات ما يحتاج إليه، دون ما لا يحتاج إليه، ومعلوم أن كون الأجسام متماثلة، وأن الأجسام تستلزم الأعراض الحادثة، وأن الحوادث لا أول لها ـ من أخفي الأمور وأحوجها إلي مقدمات خفية، لو كان حقاً، وهذا ليس في القرآن.

فإن قيل: بل كون الأجسام تستلزم الحوادث ظاهر، فإنه لا بد للجسم من الحوادث، وكون الحوادث لا أول لها ظاهر، بل هذا معلوم بالضرورة، كما ادعى ذلك كثير من نظار المتكلمين، وقالوا: نحن نعلم بالاضطرار أن ما لا يسبق الحوادث، أو ما لا يخلو من الحوادث، فهو حادث، فإن ما لم يسبقها ولم يخل منها لا يكون قبلها، بل إما معها وإما بعدها، وما لم يكن قبل الحوادث بل معها أو بعدها لم يكن إلا حادثاً، فإنه لو لم يكن حادثاً لكان متقدماً علي الحوادث، فكان خالياً منها وسابقاً عليها.

قيل: مثل هذه المقدمة وأمثالها منشأ غلط كثير من الناس، فإنها تكون لفظاً مجملاً يتناول حقاً وباطلاً، وأحد نوعيها معلوم صادق، والآخر ليس كذلك، فيلتبس المعلوم منها بغير المعلوم، كما في لفظ الحادث والممكن والمتحيز والجسم والجهة والحركة والتركيب وغير ذلك من الألفاظ المشهورة بين النظار التي كثر فيها نزاعهم، وعامتها ألفاظ مجملة تتناول أنواعاً مختلفة:

<<  <  ج: ص:  >  >>