لها ولا انتهاء؟ وهل يمكن أن يكون الرب متكلماً لم يزل متكلماً إذا شاء؟ وتكون كلماته لا نهاية لها، لا ابتداء ولا انتهاء، كما أنه في ذاته لم يزل ولا يزال ابتداء لوجوده ولا انتهاء له؟ بل هو الأول الذي ليس قبله شيء، وهو الآخر الذي ليس بعده شيء، فهو القديم الأزلي الدائم الباقي بلا زوال، فهل يمكن أن يكون لم يزل متكلماً بمشيئته، فلا يكون قد صار متكلماً بعد أن لم يكن ن ولا يكون كلامه مخلوقاً منفصلاً عنه، ولا يكون متكلماً بغير قدرته ومشيئته، بل يكون متكلماً بمشيئته وقدرته، ولم يزل كذلك، ولا يزال كذلك.
هذا هو مورد النزاع بين السلف والأئمة الذين قالوا بذلك، وبين من نازعهم في ذلك.
والفلاسفة يقولون: إن الفلك نفسه قديم أزلي لم يزل متحركاً، لكن هذا القول باطل من وجوه كثيرة.
ومعلوم بالاضطرار أن هذا مخالف لقولهم، ومخالف لما أخبر به القرآن والتوراة وسائر الكتب، بخلاف كونه لم يزل متكلماً أو لم يزل فاعلاً أو قادراً علي الفعل، فإن هذا مما قد يشكل علي كثير من الناس سمعاً وعقلاً.
وأما كون السماوات والأرض مخلوقتين محدثتين بعد العدم، فهذا إنما نازع فيه طائفة قليلة من الكفار كأرسطو وأتباعه.
وأما جمهور الفلاسفة، مع عامة أصناف المشركين من الهند والعرب وغيرهم، ومع المجوس وغيرهم، ومع أهل الكتاب وغيرهم، فهم متفقون علي أن السماوات والأرض وما بينهما محدث مخلوق بعد أن لم يكن، ولكن تنازعوا في مادة ذلك،