فنقول: هب أن الأمر كذلك فهذا إنما فيه أنه أثبت العلة الغائية للحركة.
فيقال: أين السبب الفاعل لحركة الفلك؟ فإن الحركة، وإن افتقرت إلى غاية مقصودة، فتفتقر إلى مبدأ فاعل بالضرورة
فإذا قالوا نفسه تحركه
قيل لهم فما الفاعل لما يحدث في النفس من أسباب الحركة، كالتصورات والإرادات؟ فإن فإن هذه كانت معدومة ثم وجدت بعد العدم، فما السبب الفاعل لهذه الحركة
فإن قالوا النفس هي الفاعلة لهذه الحركة، فقد جعلوها متحركة من نفسها، وهذا خلاف ما قالوه
وإن قالوا شيئاً غيرها قيل لهم الكلام فيه كالكلام في النفس، فإنه إن حدث فيه ما لم يحدث سئل عن سبب ذلك
وإن قيل بل المحدث لحركة النفس على حال واحدة أزلاً وأبداً قيل لهم فقد لزمكم حدوث حادث بلا سبب، وقيل لكم ذلك المحرك للنفس، إن كان علة في الأزل وجب وجود معلوله في الأزل، فيجب وجود ما حدث للنفس من التصورات والإرادات في الأزل، وهذا جمع بين النقيضين