للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن قلت: بل حدث أمر أوجب هذه الحوادث.

قيل لك: الفاعل له: إن كان هو الأول عاد الإلزام جذعاً وإن كان غيره لزمك حدوث الحوادث بلا فاعل وإن التزمت أنه ما فعلها حتى حدث فيه شيء فقد تركت قولك.

وأيضاً فالفاعل المستكمل لشروط الفعل إما أن يجوز حدوث المفعول عنه بعد أن لم يكن بلا سبب حادث وإما أن لا يجوز فغن جاز فهو قول منازعك الذي ادعيت أنه فاسد بالضرورة وإن لم يجز لزم أن يكون مفعوله مقارناً له لا يتأخر عنه منه شيء فلا يجوز أن يحدث عن الفاعل شيء كما تقوله أنت وإخوانك إنه علة تامة وموجب تام والعلة التامة لا يتأخر عنها معلولها ولا شيء من معلولها فإذا كل ما تأخر عن الأول ليس معلولاً للعلة التامة، ولا مفعولا للفاعل الأول، ولا يجوز أن يكون فعلاً لغيره إذ القول في ذلك الغير كالقول فيه فيلزم أن تكون الحوادث كلها حادثة بلا محدث.

وهذا لازم لهؤلاء الفلاسفة الإلهيين كما يلزم إخوانهم الطبيعيين، وهو القول الذي هو من أظهر المعارف الضرورية فساداً وقد بسط الكلام على هذه المواضع في غير هذا الموضع وإنما كان المقصود هنا التنبيه على جنس ما يغالط به هؤلاء وأمثالهم من الألفاظ المجملة كلفظ المركب ونحوه كما يغالطون بلفظ التخصيص والمخصص وأن كلام أبي حامد وأمثاله في مناظرتهم خير من كلامهم وأقوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>