نفسها وذواتها كمال وعند ذلك فلو قدر عدم اتصاف الباري تعالى بها لكان ناقصاً بالنسبة إلى من اتصف بها من مخلوقاته ومحال أن يكون الخالق أنقص من المخلوق
قلت هذه الحجة مادتها صحيحة وقد استدل بها ما شاء الله من السلف والخلف وغن كان تصويرها والتعبير عنها يتنوع وهذه المادة بعينها يمكن نقلها إلى الحجة الأولى التي زيفها بان يقال لو لم يتصف بصفات الكمال لاتصف بنقائضها وهي صفات نقص فيكون انقص من بعض مخلوقاته
الوجه الثاني أن يقال هب انهما متقابلان تقابل العدم والملكة فقولكم لا يلزم من نفي أحدهما ثبوت الآخر إلا إذا كان المحل قابلاً
جوابه أن يقال الموجودات نوعان نوع يقبل الاتصاف بأحد هذين كالحيوان وصنف لا يقبل ذلك كالجماد ومن المعلوم أن ما قبل أحدهما اكمل ممن لا يقبل واحداً منهما وإن كان موصوفاً بالعمى والصم والخرس فإن الحيوان الذي هو كذلك أقرب إلى الكمال ممن لا يقبل لا هذا ولا هذا، إذ الحيوان الأبكم الأعمى الأصم يمكن أن يتصف بصفات الكمال، وما يقبل الاتصاف بصفات الكمال اكمل ممن لا يقبل الاتصاف بصفات الكمال
فإذا كان قد علم أن الرب تعالى مقدس عن أن يتصف بهذه النقائص مع قبوله للاتصاف بصفات الكمال، فلان يقدس عن كونه لا يقبل